يتم فيها تخصيب البويضة بالحيوان المنوي خارج الجسم في المختبر. بعد ذلك، يتم نقل البويضة المخصبة إلى رحم الأم لتنمو وتكتمل
🔹 ما هو الحقن المجهري؟
🔸 تعريف الحقن المجهري
الحقن المجهري هو واحد من أكثر تقنيات الإخصاب المساعد تقدمًا وشيوعًا في العالم، خاصةً لأولئك الذين يعانون من مشاكل في الإنجاب الطبيعي. ببساطة، يتمثل في حقن حيوان منوي واحد مباشرة داخل بويضة ناضجة في المعمل، باستخدام أدوات مجهرية دقيقة جدًا. وبعد نجاح التخصيب، يتم زرع الجنين داخل رحم الزوجة لمتابعة الحمل بالطريقة الطبيعية.
عملية الحقن المجهري ليست إجراءً عشوائيًا أو بسيطًا، بل تعتمد على سلسلة من الخطوات الدقيقة والمترابطة، وتحتاج إلى إشراف طبي متخصص وتقنيات مخبرية متطورة. وقد أحدثت هذه التقنية ثورة حقيقية في علاج العقم، خاصة في حالات العقم الذكري الحاد أو وجود مشاكل شديدة في حركة أو عدد الحيوانات المنوية.
ما يميز الحقن المجهري عن غيره من تقنيات الإخصاب المساعد هو دقته العالية، والقدرة على التعامل مع حالات معقدة كان يُعتقد سابقًا أنه من المستحيل حدوث الحمل فيها. ولذلك أصبح الخيار الأول في كثير من الحالات التي فشلت فيها محاولات الحمل الطبيعي.
🔸 الفرق بين الحقن المجهري وأطفال الأنابيب
رغم أن كلا المصطلحين يُستخدمان للإشارة إلى تقنيات المساعدة على الإنجاب، إلا أن هناك فرق جوهري بينهما:
-
أطفال الأنابيب (IVF) تعتمد على وضع البويضة والحيوانات المنوية في طبق بتري داخل المعمل، وترك عملية التخصيب لتحدث طبيعيًا بدون تدخل مباشر.
-
الحقن المجهري (ICSI) يتم فيه حقن حيوان منوي واحد مباشرة داخل البويضة باستخدام إبرة دقيقة تحت المجهر، مما يزيد من فرصة التخصيب خاصة في حالات ضعف السائل المنوي.
بالتالي، الحقن المجهري يُستخدم عادةً في الحالات التي يكون فيها عدد الحيوانات المنوية قليلًا جدًا أو حركتها ضعيفة للغاية، بينما أطفال الأنابيب تناسب الحالات الأقل تعقيدًا.
🔹 دواعي اللجوء إلى الحقن المجهري
🔸 مشاكل الخصوبة عند الرجال
الحقن المجهري يُعد أملًا كبيرًا لكثير من الرجال الذين يعانون من مشاكل في الخصوبة، والتي تتمثل غالبًا في:
-
انخفاض عدد الحيوانات المنوية بشكل كبير.
-
ضعف الحركة أو الشكل غير الطبيعي للحيوانات المنوية.
-
وجود انسداد في القنوات المنوية.
-
حالات دوالي الخصية المزمنة.
في مثل هذه الحالات، لا يكون هناك فرصة كبيرة لحدوث الإخصاب الطبيعي، حتى مع وجود جماع منتظم. لذلك، يُستخدم الحقن المجهري كحل فعال لأنه لا يعتمد على العدد أو الحركة بل فقط على اختيار حيوان منوي واحد سليم وحقنه مباشرة داخل البويضة.
🔸 مشاكل التبويض أو البويضات عند النساء
في بعض الحالات، تكون المرأة هي من تعاني من اضطرابات في التبويض، أو من مشاكل في جودة أو عدد البويضات. وهذه المشكلات قد تعيق حدوث تخصيب طبيعي للبويضة، أو تؤثر على قدرة البويضة على الانقسام بعد التخصيب.
يُستخدم الحقن المجهري في هذه الحالة بعد تنشيط المبايض وسحب البويضات الناضجة، ثم يتم تخصيبها خارجيًا لضمان حدوث الإخصاب في بيئة خاضعة للرقابة والتحكم.
🔸 فشل المحاولات السابقة للحمل الطبيعي
إذا فشلت محاولات الحمل الطبيعي لعدة سنوات، أو حتى بعد اللجوء لبعض العلاجات الهرمونية أو المنشطة، فإن الطبيب عادةً ما يُوصي بإجراء الحقن المجهري كخطوة متقدمة ومضمونة نسبيًا لزيادة فرص حدوث الحمل.
خاصة في الحالات التي لا يوجد فيها سبب واضح للعقم (العقم غير المفسر)، فإن تقنية الحقن المجهري توفر فرصة جديدة للراغبين في الإنجاب.
🔹 خطوات عملية الحقن المجهري بالتفصيل
🔸 التحضير قبل العملية
قبل البدء في أي خطوة، يخضع الزوجان لفحوصات شاملة تشمل:
ثم يبدأ الطبيب في شرح تفاصيل الخطة العلاجية، ويحدد التوقيت الأمثل لبدء الدورة العلاجية حسب نتائج التحاليل.
التحضير النفسي لا يقل أهمية عن الجسدي. يجب على الزوجين تقبّل طبيعة العلاج، وفهم أن العملية تحتاج لصبر ووقت وتكرار أحيانًا، حيث قد لا تنجح من المرة الأولى.
🔸 تنشيط المبايض وسحب البويضات
تبدأ الزوجة بتناول أدوية هرمونية لتحفيز المبايض على إنتاج عدد أكبر من البويضات. تستمر هذه المرحلة عادة من 8 إلى 14 يومًا، يتم خلالها متابعة نمو البويضات بالسونار وتحليل الهرمونات.
بمجرد وصول البويضات لحجم مناسب، يتم إعطاء "إبرة تفجيرية" لتحفيز الإباضة، وبعدها بـ 34-36 ساعة، تُجرى عملية سحب البويضات باستخدام إبرة خاصة تحت تأثير التخدير.
🔹 جمع الحيوانات المنوية
في نفس يوم سحب البويضات، يُطلب من الزوج تقديم عينة من السائل المنوي، ويُفضل أن تكون بعد 2-5 أيام من الامتناع عن القذف. تُفحص العينة في المختبر لاختيار أفضل الحيوانات المنوية من حيث الحركة والشكل والتركيبة الجينية.
في بعض الحالات، لا يتمكن الرجل من إعطاء عينة طبيعية، سواء بسبب انسداد القنوات أو غياب الحيوانات المنوية في السائل المنوي (azoospermia)، فيتم حينها استخراج الحيوانات المنوية جراحيًا من الخصية أو البربخ باستخدام تقنيات مثل:
تُخضع العينة المُجمعة لعملية "غسيل" وفصل دقيق باستخدام أجهزة خاصة، لتحديد الحيوانات المنوية القادرة على التخصيب، والتي سيتم استخدامها في الخطوة التالية: الحقن.
🔹 مرحلة الحقن داخل المختبر
تُعد هذه المرحلة من أدق مراحل العملية، وتتم داخل مختبر مجهز بتقنيات حديثة للغاية. إليك ما يحدث:
-
يُجهز اختصاصي الأجنة البويضات المسحوبة بإزالة الخلايا المحيطة بها.
-
باستخدام إبرة دقيقة للغاية، يُحقن حيوان منوي واحد داخل كل بويضة ناضجة تحت المجهر.
-
تُوضع البويضات المُحقنة في حضّانات بدرجة حرارة ورطوبة مناسبة.
-
تُراقب على مدار 3 إلى 5 أيام للتأكد من حدوث الانقسام وتكوين الأجنة.
خلال هذه الفترة، يُتابع الفريق الطبي تطور الأجنة، ويُصنّفها حسب الجودة والانقسام السليم. الأجنة الأفضل هي التي تُستخدم في عملية النقل، بينما يمكن تجميد الباقي لاستخدامه لاحقًا.
النجاح في هذه المرحلة يعتمد بشكل كبير على:
🔹 نقل الأجنة إلى الرحم
بمجرد أن تصل الأجنة إلى المرحلة المناسبة (اليوم الثالث أو الخامس من التخصيب)، يتم نقل أفضلها إلى رحم الزوجة. وتُعتبر هذه العملية بسيطة وغير مؤلمة، ولا تحتاج إلى تخدير، وتتم كالآتي:
-
توضع الأجنة المختارة في قسطرة رفيعة.
-
يتم إدخال القسطرة داخل الرحم باستخدام جهاز السونار.
-
تُحقن الأجنة برفق داخل تجويف الرحم.
بعد النقل، تُنصح الزوجة بالراحة لمدة قصيرة، وقد يصف الطبيب أدوية لتثبيت الحمل مثل البروجستيرون. بعدها تبدأ فترة الترقب، وتُعرف بـ "أصعب أسبوعين"، وهي الفترة التي ينتظر فيها الزوجان نتيجة التحليل الرقمي للحمل بعد 14 يومًا من نقل الأجنة.
🔹 العوامل المؤثرة على نجاح الحقن المجهري
نجاح عملية الحقن المجهري لا يعتمد فقط على الخطوات الطبية، بل يتأثر بعدة عوامل، أهمها:
🔸 عمر الزوجة
يُعد عمر المرأة العامل الأهم على الإطلاق. فكلما زاد العمر، كلما قلت جودة البويضات وفرص التخصيب والانغراس. على سبيل المثال:
-
النساء أقل من 35 سنة لديهن نسبة نجاح تصل إلى 50-60%.
-
من 35 إلى 39 سنة تكون النسبة بين 35-45%.
-
من 40 سنة فما فوق، تقل النسبة بشكل كبير إلى 10-20% فقط.
لذا ينصح الأطباء بعدم تأخير الحقن المجهري، خاصة إذا كان هناك مشكلات صحية تؤثر على الخصوبة.
🔸 جودة البويضات والحيوانات المنوية
حتى وإن تم استخراج عدد كبير من البويضات أو الحيوانات المنوية، فإن الجودة هي ما يحدد فرصة التخصيب. العوامل التي تؤثر على الجودة تشمل:
-
النظام الغذائي.
-
الأمراض المزمنة.
-
التدخين والكحول.
-
التعرض للسموم البيئية.
يُمكن لبعض المكملات مثل حمض الفوليك، والزنك، والأوميغا 3، تحسين الجودة قبل بدء العملية.
🔸 حالة الرحم وسُمك بطانة الرحم
الرحم هو "البيت" الذي يستضيف الجنين، لذلك يجب أن تكون بيئته مثالية. بطانة الرحم السميكة (من 7-12 مم) هي الأنسب لانغراس الجنين، بينما البطانة الرقيقة أو التي بها تليفات أو لحمية تُقلل من فرص الحمل.
قبل نقل الأجنة، قد يُجري الطبيب تنظير رحمي للتأكد من سلامة تجويف الرحم.
🔸 مدى الالتزام بالتعليمات الطبية
نجاح الحقن المجهري يتطلب التزامًا صارمًا من الزوجين، بداية من أخذ الأدوية في مواعيدها، وحتى الراحة بعد نقل الأجنة. عدم الالتزام قد يُعرض المحاولة للفشل رغم جودة كل العوامل الأخرى.